الترجمة بين العقل البشري والذكاءالاصطناعي

الترجمة بين العقل البشري والذكاءالاصطناعي تعد الترجمة إحدى الركائز الأساسية التي تساهم في تعزيز التفاهم بين الشعوب ونقل المعارف عبر الثقافات المختلفة. فقد لعبت دوراً محورياً في تطوير المجتمعات الإنسانية من خلال الاستفادة من خبرات الآخرين وتجاربهم. ومع ذلك، فإن الترجمة ليست مجرد نقل الكلمات من لغة إلى أخرى، بل هي عملية تتطلب دقة لغوية، ووعياً بالفروق الثقافية، والتزاماً بأمانة النص الأصلي

مع التطور التكنولوجي وظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي، شهد مجال الترجمة تغيرات كبيرة. أصبحت أنظمة الترجمة الآلية والذكاء الاصطناعي قادرة على تقديم خدمات ترجمة سريعة تتسم بالدقة النسبية، مما جعل الترجمة في متناول الجميع. إلا أن هذه الأنظمة، رغم تطورها، لا تزال تواجه تحديات في فهم السياق الثقافي والمعنى العميق للنصوص، وهي نقاط قوة يتمتع بها المترجم البشري.

اليوم، يثار السؤال حول ما إذا كانت هذه الأنظمة قادرة على استبدال المترجمين البشريين. قد يكون الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة فعّالة في تسريع وتبسيط عملية الترجمة، لكنه لا يمكن أن يحل محل الإنسان في النصوص التي تتطلب إبداعاً، فهماً عاطفياً، أو معالجة معقدة للمعاني. يظل دور المترجم البشري محورياً في تحقيق الجودة والإتقان، خاصة في النصوص الأدبية والثقافية ذات الحساسية العالية.

كيف ساعدت الترجمة الآلية الإنسان؟

ساهمت تقنيات الذكاء الاصطناعي المتخصّصة في الترجمة مثل “ترجمة جوجل” و”مايكروسوفت” و”أمازون” وغيرها في إدخال الكثير من التسهيلات في حياة الإنسان، لاسيما في عصر التحول الرقمي وقنوات التواصل الاجتماعي، وتطور المواقع الإلكترونية والتسوق الرقمي. فهي منصات سريعة وفورية وفي متناول الجميع، وتكاد تكون معدومة التكلفة، إلى جانب كونها وسيلة فعالة يمكن استخدامها بسهولة تامة أثناء السفر والتسوق وتصفح المواقع الإلكترونية. وعلى الرغم من أن هذه المنصات قد أثبتت كفاءة عالية في العديد من التخصّصات، إلا أن هنالك العديد من الأسباب التي تثبت عدم إمكانيتها أن تحل محل العنصر البشري.

لماذا لا يمكن للترجمة الآلية أن تحل محل الترجمة البشرية؟

وسط المخاوف البشرية من قدرة هذه التطبيقات والبرامج على التعامل مع النصوص والمستندات العامة، هناك العديد من الأسباب التي تبدد هذه المخاوف، وذلك بسبب طبيعة عمل هذه التطبيقات التي تجعلها مناسبة فقط لترجمة “المحتوى العام الذي يحتاجه السائحون أو متصفحات الإنترنت العامة”، حسب تصريح توم دافنبورت، الأستاذ الأمريكي المتخصص في الابتكار والمعرفة، في مقال له في مجلة فوربس.

فعندما يتعلق الأمر بالترجمة الاحترافية والمخرجات المثالية، تتضاءل قدرة هذه الآلات أمام قدرات العقل البشري الذي صمّمها. ومن التساؤلات والقضايا التي ناقشت عمل المترجمات الآلية ما يلي:

  • الطبيعة الآلية لهذه الأدوات.
  • اعتمادها بشكل رئيسي على خوارزميات تحتوي على فجوات لغوية.
  • عدم قدرة الآلة على فهم سياق النص.
  • عدم مراعاة الفروقات الثقافية والمجتمعية.
  • عدم قدرة الآلة على نقل المعايير والقيم الثقافية.
  • عدم قدرة الآلة على مخاطبة عقول الجماهير المستهدفة في النصوص الترويجية.
  • هل تستطيع الآلة توصيف الحالات الإنسانية ونقل المشاعر؟
  • هل تمتلك الآلة الشعور الكافي لنقل روح وجوهر النص؟
  • هل تستطيع الآلة إيصال الرسالة الثقافية أو التوعوية لفيلم أو مسلسل؟

على الرغم من أن منصات الترجمة الآلية قد ساهمت في تسهيل بعض من مهام حياتنا اليومية، وتمكنت من إنجاز بعض المهام الاعتيادية التي يقوم بها البشر، أو ربما حققت إنجازات متقدمة في بعض المجالات، إلا أنه لا يمكن تجاهل الدور البشري في الترجمة والتوطين بأي شكل من الأشكال. فالإنسان هو المصدر الأساسي للغة. وطالما أن العقل البشري هو الذي يحدد في النهاية إذا كانت المخرجات التي قدمتها الآلة صحيحة أم لا، فسوف تبقى قدرة هذه المنصات الإلكترونية محدودة بقدرات العقل البشري الذي قام بابتكارها.

أضف تعليق